لعل هذه المسـالة
شغلت الرأي العام حديثا ، بعد عصر غزو الفضاء والصعود الى القمر ونحو ذلك عندما
عرفنا أن الكواكب اجسام صلبة ككوكبنا هذا لكنها لم تكن من ضمن اهتمامات الشعوب
القديمة ، ربما لعجزهم عن تصور أن تلك النقاط اللامعة في سماء الليل ليست الاصخورا
كبيرة كهذه الصخرة التي نحيا عليها
ما هي الحياه خارج الارض
إن مفهوم حياة خارج الارض يشمل أي نوع من انواع
الكائنات الحية التي تكونت خارج كوكب الارض، ولايقتصر هذا التعريف على الحياة
الذكية القادرة على بناء الحضارات ولكن مفهوم الحياة يمتد ليشمل طيفا واسعا بدءا من
كائنات شبيهه بالبكتيريا مرورا بمايشبه النباتات وانتهاءا بحياة ذكية وربما أيضا
أشكال متطورة من الحياه لدرجة أن وصفها بالذكاء لهو تحقير من شأنها
ما الحاجة لافتراض وجود حياة على كواكب أخرى؟
الكون كبير جدا وهذا لاشك فيه، ويقدر العلماء عدد المجرات التي يمكننا
رصدها بالمليارات وكل مجرة تحتوي على مليارات الكواكب وربما بعض تلك الكواكب شبيه
بالارض ، ومهما كانت ندرة الكواكب الشبية بالأرض وندرة الكواكب القابلة فعلا
لاستضافة الحياة، فنظرا لعدد المجرات بالكون وعدد الكواكب في كل مجرة فلابد من بعض
الكواكب التي تستضيف الحياة فعلا، ومن هنا جاءت تقديرات العلماء لصالح وجود حياة
فضائية خارج الارض
الكواكب الشبيهة بالارض
يعرف الفلكيون الكوكب على أنه شبيه بالأرض إذا كان يحقق الشروط التالية :
1-حجم الكوكب يجب أن يماثل حجم الارض، اذا كان الكوكب صغير فلن يستطيع
الامساك بالغلاف الجوي الخاص به وسنتقوم الشمس بتسخين سطح الكوكب في اثناء النهار
الى درجات حرارة تمنع وجود الماء السائل، واذا كان الكوكب كبيرا فإن قوة جذبه
الهائلة سـتأتي بالنيازك اليه وستتسبب أيضا بغلاف جوي سميك من التراب والغبار.
2-
بعد الكوكب عن النجم الذي يدور حوله، ببساطة اذا كان بعيد سيتجمد واذا اقترب كثيرا
فان حرارة الشمس ستمنع تكون الحياة عليه بالاضافة الى ان الشمس قادرة على جذب
الغلاف الجوي الخاص بالكوكب اليها، مما يجرد الكوكب من غلافه الجوي الضروري للحياة
3- وجود الماء السائل، التفاعلات وعمليات
الأيض داخل الخلايا بحاجة الى مياه سائلة لتحدث، والجليد الصلب أو بخار الماء لن يكون بديلا.
4- كوكب صلب، فيستبعد وجود حياه في كوكب غازي
طبعا هذه شروط تقريبية فاجتماعها في كوكب لايعني بالضرورة وجود حياة فيه، أيضا
لايوجد ما يمنع تشكل نوع من الحياه لا يمكننا تخيله على كوكب لايحقق على هذه
الشروط
ما يهمنا هو أن الفلكيين تمكنو بالفعل من رصد عدد من الكواكب الشبيهه
بالارض أكثرها يحقق الشروط أعلاه بالرغم من أن الفلكيين بحثوا في جزء صغير من
السماء بناء على هذا فإن في وسعنا أن نقدر عدد الكواكب الشبيهة بالأرض الموجودة
فعلا في مجرتنا بالملايين، ولا يستبعد أن تكون الحياة تكونت فعلا على أحد تلك
الكواكب كما حصل في كوكب الارض فلايوجد سبب علمي يلزمنا بافتراض تميز كوكب الارض
عن بقية الكون.
وجود أحماض امينية في الفضاء
الاحماض الامينية هي لبنات الحياة، تتجمع مع بعضها لتشكل البروتينات التي
بدورها تبني الكائن الحي، وقد وجد الباحثون في ناسا أنواع كثيرة من الاحماض
الامينية على نيازك ومذنبات في الفضاء الخارجي، والاحماض الامينية مركبات معقدة
تحتاج لظروف خاصة لتكوينها فيغلب الظن على أن الكوكب ذو الظروف التي تستطيع تشكيل
حمض أميني تستطيع ظروفه أيضا تشكيل واحتواء الحياة، ووصولها الينا عن طريق
المذنبات لهو دليل على انتشار الاحماض الامينية في أنحاء الكون فهي لن تتوجه للارض
وحدها عن سائر الكواكب
البحث عن حياة
عندما نفكر في البحث عن الحياة خارج الارض فإن اول ما يخطر ببالنا هو البحث
عند جيراننا من الكواكب القريبة، وقد تم ارسال عدة رحلات للمريخ ولم تتمكن تلك الرحلات
من ايجاد حياه فعلا ولكن لاتزال النتائج مبشرة فقد عثر العلماء على مياه سائلة في
الكوكب الاحمر(المريخ)وهذا يشير الى أن المياه السائلة ليست ندرة في الكون بما أننا
وجدناها في أول كوكب بحثنا فيه عنها، وتخطط ناسا لارسال رحلة في المستقبل القريب
للهبوط على قمر يوبا أحد افمار المشتري ،وقمر يوربا يعتقد بشدة احتواءه عالى ماء
سائل في جوفه تحت سطحه المغطى بالجليد القاسي، طبعا يمكنك أن ترى أن منهج البحث عن
الحياة يتطلب البدء بالكواكب القريبة أولا والتركيز على الكواكب التي تحتوي على
عناصر الحياة كالماء وغيره
مكالمات لم يرد عليها
قد تستغرب من هذا ولكن العلماء يحاولون التنصت على الاتصالات اللاسلكية
التي تجري خلال المجرة بين الحضارات الفضائية المتقدمة إن وجدت، الفكرة تقوم على
التالي، البث التلفيزيوني الارضي قد بدا في سنة 1950 ومن ذلك الوقت وموجات البث
التلفازي بكل ما تحمله من محطات وأخبار تناقلتها وسائل الاعلام وكل البرامج
الترفيهية التي بثت يوما ،هذه كلهت تسير خارج الارض في جميع الاتجهات في عمق
الفضاء بسرعة الضوء، واذا ما وصلت تلك الموجات لاحد الكواكب التي تحتوي حضارة تقوق
أو تساوي حضارتنا فلا شك ان أجهزتهم ستلتقطها وسيعرف أهل تلك الحضارة الفضائية
بوجودنا. وعلى هذا المبدأ قام مشروع SETI (search for
extraterrestrial intelligence) أو "البحث عن ذكاء خارج
الارض" ، حيث يقوم الباحثون بالتنصت على الفضاء
الخارجي محاولين التقاط موجات قادمة من أحد الى الحضارات التي
ربما اهتدت الى بث تلفزيوني مشابه لما عندنا.
طبعا الامر لايخلو من صعوبات فربما الحضارات الاخري لاتستخدم نفس طريقتنا
في البث ، لعلهم يستخدمون موجات قصيرة الطول كموجات الضوء المرئي التي لاتستطيع
مراصدنا التقاطها، ورغم صعوبات المشروع فهو يستحق المحاولة.
ارسال رسائل
طريقة اخرى للتواصل مع الحضارات خارج الارض هي ارسال مركبات فضائية غير
مأهولة تحمل معلومات عن نوعنا البشري على أمل وقوع تلك المعلومات بأيدي من يمكنه فهما،
وأولى تلك المركبات عام 1973 أطلقت ناسا المسبار الفضائي بايونير 11 ، ووضعت عليه زوجا من الالواح الذهبية عليها
معلومات مشفرة حول سكان الارض وخريطة لمكان الارض.
ما أهمية اكتشاف حياة خارج الارض؟
لا شك أن عمليات البحث عن حياه خارج الأرض مكلفة جدا، وعلى هذا علينا أن
نأمل بفوائد تعادل العناء، والعثور على حياة فضائية، له وقع فلسفي قبل أن يكون له
وقع علمي فهو يعني أننا لسنا وحدنا في الكون، ويجعلنا نعيد النظر في واجباتنا تجاه
انفسنا والمخلوقات الاخرى فاكتشاف حياة فضائية لن يقل أهمية عن اكتشاف البشر
الاوائل لطريقة اشعال النار.
وأما من الناحية العلمية فإن اكتشاف شكل اخر للحياة غير اللذي نعرفه على
الارض ، حتى وان كان ببساطة البكتيريا، فهو كفيل بتعليمنا الكثير عن علم الاحياء
عن طريق مقارنة الحياة داخل الارض وخارجها وهذا لاشك انه سيفتح أمامنا مجالات
واسعه في سبيل محاربة الامراض التي تسببها الكائنات الحية الدقيقة، وغير ذلك من
الانجازات التي لانستطيعها اذا بقينا ننظر لعلم الاحياء بنفس النظرة الحالية.
الخلاصة
لايوجد دليل يقطع بوجود حياة خارج هذه الارض، لكن معظم العلماء يرون أن
احتمال وجودها أكبر من عدمه وهذا الاحتمال كان كافيا لمحاولة الاتصال بها، وربما في المستقبل القريب سيحل هذه اللغز، وكما قال الروائي وكاتب الخيال العلمي
ارثر سي كلارك : "هناك احتمالان، إما أن نكون وحدنا في الكون وإما أن لانكون
وحدنا وكلا الاحتمالين مخيف جدا".
0 التعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.