المس الشيطاني





في 1975 كلينغنبرع، المانيا، اجريت طقوس قديمة تعود لمئات السنين لاستخراج الشيطان الذي يسكن اناليس ميشيل البالغة من العمر 22 عاما، وبما انها تصرخ وتشتم فيبدوا ان طقوس العلاج ناجحة.
كان ذلك جزءا من قصة حقيقية، سنعود لتفاصيلها بعد قليل، حدثت ولازالت تحدث لكن بشخصيات مختلفة.



ماهو المس

المس الشيطاني او التلبس Demonic Possession، هو دخول روح شريرة الى جسم الانسان والتحكم به رغما عن ارادته، ويشترط ان تكون طبيعة تلك الروح الشريرة خفية وغير محسوسة حتى تتمكن من الدخول في جسم الانسان والاندماج معه.

طبيعة تلك الروح الشريرة تختلف من ثقافة الى اخرى فقد تكون روح انسان شرير ميت، في الثقافة العربية التلبس يأتي من قبل مخلوقات تسمى الجن أما في الثقافة المسيحية فيأتي التلبس من الشياطين وهي ارواح شريرة هدفها ايذاء البشر. ولن نحاول ان نثبت في هذا المقال وجود او عدم وجود تلك الارواح والمخلوقات فهذا ليس مبحثنا، انما نريد التحقق من امكانية حصول التلبس بالتعريف الذي ذكرناه.



لمحة تاريخية

في بلاد مابين النهرين، العراق الان، كان الاعتقاد السائد وقتها ان جميع الامراض سواء النفسية منها او العضوية تحدث بسبب دخول ارواح شريرة الى جسم المريض، وكانت طقوس استخراج الارواح الشريرة وقتها تتم عبر صناعة تماثيل فخارية على شكل تلك الروح الشريرة ثم تكسير تلك التماثيل على امل اضعاف قوة الروح الشريرة المتلبسة للمريض ومن ثم اخراجها.
في الهند تذكر كتب الفيدا الهندوسية المقدسة، التي كتبت قبل 3 الاف عام، وجود كائنات شريرة خفية تؤذي الاحياء وتفسد حياتهم.
وفي بلاد فارس، ايران حاليا، استخدم زرادشت، مؤسس الديانة الزرادشتية، طقوس استخراج الارواح الشريرة من اجسام المرضى وذلك في عام 600 قبل الميلاد.

خلال فترة العصور الوسطى الممتدة مابين عامي 500 و1500 ميلادية، شهدت اعادة احياء لتلك الطقوس القديمة ولكن بطريقة اكثر وحشية فغالبا ما كان المريض يضرب او يجلد على امل التسبب بالام لتلك الارواح الشريرة التي دخلت جسمه واجبارها على الخروج.

لطالما اعتبر المس الشيطاني سببا في الامراض النفسية او الجسدية، وليس هذا فحسب بل كان يعتبر سببا في التصرفات الغريبة التي تصدر احيانا عن الانسان السليم، فالشحص غريب الاطوار كان يشتبه في ان الارواح الشريرة تعبث في عقله، وفي احيان كثيرة اعتبر الشخص الذي يقول كلاما مناهضا للدين (التجديف او الهرطقة) ان الشياطين اجبرته على قول هذا.

حتى المجرمين كان ينظر لجرائمهم كنتيجة لسيطرة الشيطان عليهم ولم يرتكبوا جرائمهم باختيارهم.

ومما يجدر ذكره ان الحضارة اليونانية القديمة تميزت من هذه الناحية حيث عزى فلاسفتهم الامراض النفسية والعقلية الى خلل في الدماغ، ولم يتطرقوا لقضية التلبس.

الاعتقاد بامكانية المس الشيطاني والاعتقاد بوجود طقوس معينة لاستخراج الشيطان لازال موجودا الى ايامنا هذه وان كان بنسبة اقل من السابق، كما وتختلف نسبة الاعتقاد بوجود المس الشيطاني من دولة لاخرى ومن ثقافة لاخرى.

مهنة طرد الارواح الشريرة

سواء أكانت الروح الشريرة جن ام شيطان ام شبح، في جميع الاحوال انت بحاجة الى من يخرج تلك الروح الشريرة من جسد المصاب بها، ومن هنا جاءت مهنة مستخرج الارواح Exorcist، وتختلف طبيعة مستخرج الارواح بحسب البيئة والثقافة ففي الثقافة المسيحية تقع مهمة استخراج الارواح على الكاهن العامل في الكنيسة، والفاتيكان (رأس الكاثوليكية) كانت تعترف بالمس الشيطاني بصورة رسمية وتعطي للعاملين بالكنيسة ارشادات رسمية لاستخراج الشياطين حتى توقف ذلك في عام 1999، لكن توقف الدعم الرسمي من الفاتيكان لم يمنع ظهور مستخرجين للارواح مستقلين يعملون بغير ترخيص من الكنسية.

في الدول العربية لاتوجد مهنة رسمية لاستخراج الجن من الشخص الممسوس، لكن بعض المتطوعين من رجال الدين يضطلعون بهذه المهمة كنوع من المساعدة للضحية، ويوجد من يدعي القدرة على التكلم والتخاطب مع الجن وذلك يسمى بـ"الحجاب" غالبا، وهو يدعي القدرة على استخراج الجن عن طريق كتابة تعويذات واعطائها للمريض واخذ اجر مقابل ذلك، ولاحاجة للقول ان تلك تجارة مربحة تقوم على الاوهام واستغلال الجهل المنتشر بين الشعوب خصوصا ضمن الطبقات غير المتعلمة.

أعراض المس الشيطاني

بالرغم من الاختلاف بين الحضارات والثقافات حول طبيعة وماهية تلك الارواح المتلبسة للبشر وكيفية الخلاص منها الا ان اعراض التلبس نفسها عند الجميع، وتشمل الاعراض عادة التصرفات التالية:

1. تشنجات وحركات لا إرادية (نوبات صرع).

2. الصراخ واصدار اصوات تشبه الحشرجة لاتصدر عن الشخص المصاب في الحالات العادية.

3. التكلم بكلام غير مفهوم فيبدوا المصاب كمن يتحدث بلغة غريبة غير لغته الاصلية.

4. الاكتئاب والقلق النفسي.

5. تصرفات غريبة، مثل غرابة اللباس والمظهر او الانعزال الاجتماعي.

6. افعال غير اخلاقية او اقوال كفرية (سب الدين او الهرطقة).



طقوس استخراج الجن والارواح

مجددا، لكل شعب طقوسه الخاص التي يحاول من خلالها التعامل مع ظاهرة تلبس الارواح الشريرة في البشر، ولعل الجزء المتعلق باستخراج الارواح الشريرة هو الجزء الاخطر من القضية بأكملها، واقصد انه خطر على الشخص المصاب بالتلبس وهو مادفعني للكتابة في هذا الموضوع في الاساس.

في الثقافة المسيحية يستخدم الماء المقدس والرموز الدينية كالصليب وغيرها بالاضافة لصور الشخصيات الدينية كصور مريم العذراء ويسوع المسيح من اجل اجبار الشيطان على الخروج من جسد الضحية، في الثقافة العربية، تستخدم نصوص دينية (القران الكريم والادعية) لاجبار الجن على الخروج بينما يستخدم الحجاب أوراق مكتوب عليها كلام غير مفهوم "طلاسم" يزعم الحجاب كاتبها ان تلك الاوراق بها قوة سحرية قادرة على اجبار الجن على الخروج.

في بعض الاحيان يستخدم الضرب الجسدي كوسيلة لاجبار الروح الشريرة على الخروج للاعتقاد ان الضرب لايؤلم الضحية بل الروح الشريرة هي اللتي تتألم وهنا تكمن خطورة هذه الممارسات، فإنها قد تؤدي الى اصابات خطيرة في جسد المريض فتزيده بلاءا من حيث يظن المعالج انها تشفيه.

الشيء المشترك بين جميع طرق استخراج الارواح الشريرة ان المريض يبدأ بالتجاوب مع القراءة او الرموز الدينية ويبدأ بالصراخ ويدخل في حالة من الحركات العنيفة اللاإرادية، مما يعزز المعتقد عند المعالج ان المريض يتجاوب مع العلاج وهذا يعني ان الطقوس العلاجية فعالة مما يدفع المعالج المفترض ليسترسل في فعل ما يفعله، طالما يبدو وكأنه يعود بالنفع.

هذا فيديو لطقوس مسيحية من اجل استخراج الشيطان من جسم امرأة


https://www.youtube.com/watch?v=_Mu3NS3DWnY



احيانا يتطلب الامر عدة جلسات لاخراج الروح الشريرة من المصاب ويعلن المعالجون شفائه التام، واحيانا اخرى لايشفى المصاب بالمس بالرغم من كل المحاولات المبذولة لتخليصه.

التالي: حالات حقيقية وتفسير المس علميا، اضغط على الرقم2 لمتابعة القراءة


1 2

Share on Google Plus

2 التعليقات:

  1. المس الشيطاني

    ردحذف
    الردود
    1. ماذا تعرف عن المس الشيطاني ؟

      حذف

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.