الحديث عن السيارة الكهربائية يشمل جوانب عديدة وسأحاول تغطية كل شيء سواء من الناحية البيئية او من ناحية التكنولوجيا وغير ذلك.
هذا المقال طويل بعض الشيء لكن يمكن ان تستخدمه كمرجع لك لتعود له وقتما تحتاج اذا أردت معلومات حول السيارة الكهربائية.
أنواع السيارات الكهربائية
يمكننا تصنيف السيارات التي توصف بأنها كهربائية الى ثلاث اصناف رئيسية:
السيارات الهجينةHybrids :
وهذه السيارات لا يمكنك وصلها بالكهرباء لشحنها، لكنها تستخدم الوقود لتوليد الكهرباء بداخلها فبالتالي استهلاكها للوقود سيكون اقل من السيارات التقليدية العاملة بالوقود.
السيارات الهجينة القابلة للشحن Plug-in hybrids :
كما يوحي الاسم فهذا النوع من السيارات يمكن شحنه بالكهرباء ويقبل ايضا تعبئنه بالوقود، يعمل محركها بالكهرباء اولا وبعد انتهاء البطارية يحول الى الوقود الاحفوري.
سيارات الهيدروجين Hydrogen cars :
هذا النوع من السيارات هو كهربائي حقا لكن لا تمتلك بطارية لشحنها، بدلا من ذلك يتم ملؤها بالهيدروجين المضغوط والذي عند اندماجه بالاكسجين القادم من الجو فإنهما يتفاعلان لتوليد الكهرباء التي يعمل عليها المحرك.
السيارات الكهربائية Electric Vehicle:
وهذ النوع السيارات يمكنك شحن بطاريتها بالكهرباء كما تشحن هاتفك النقال وهي موضوعنها في هذا المقال.
تاريخ
إن فكرة سيارة تعمل بالكهرباء فقط ليست بجديدة، ففي أواخر القرن التاسع عشر صنعت اول سيارة كهربائية ببطارية قابلة للشحن وذلك عام 1884 في مدينة لندن.
بحلول عام 1900 كانت السيارات الكهربائية شائعة الى حد لا بأس به بين مالكي السيارات في الولايات المتحدة الامريكية، وكان عددها يشكل ما نسبته 38% من مجموع السيارات الموجودة انذاك، بالمقابل 22% من السيارات كانت تعمل بالوقود و40% تعمل بالمحرك البخاري، وتكنولوجيا المحرك البخاري كانت معروفة بشكل جيد في ذلك الوقت وموجودة منذ فترة، فلا عجب من هيمنة المحرك البخاري وقتها.
كانت هناك حالة من التنافس بين أنواع السيارات تلك، فلكل نوع ميزاته وعيوبه، السيارة الكهربائية بحاجة الى وقت طويل للشحن وليس بوسعها السير لمسافات طويلة حتى عند شحنها بشكل كامل وعلى الجانب الاخر كانت السيارات التي تعمل بالوقود ذات صوت عال جدا وكان يتم تشغيلها عبر ذراع كما في الصورة ويستغرق تشغيلها وقتا طويلا بالاضافة الى التلوث الشديد الذي تسببه.
بالرغم من كل شيء كانت السيارات الكهربائية في ذلك الوقت هي الافضل من حيث الاداء والاكثر صداقة مع البيئة، لكن اجمالا عدد السيارات ككل كان قليلا وقتها وكان سعرها مرتفع فكانت حكرا على الاغنياء، مما جعل التنافس بين الشركات التي تصنع انواع السيارات تلك ليس فقط في اصلاح عيوبها بل الاهم هو ايجاد طريقة لانتاج السيارات بطرق رخيصة لتكون بمتناول الجميع.
في عام 1901 قرر مزارع من ولاية ميشيغان الأمريكية يدعى هنري فورد Henry Ford ان يدخل مجال صناعة السيارات وقد عمل سابقا مع المخترع المعروف توماس اديسون مما اكسبه الخبرة في مجال الاعمال فأسس شركة فورد في 1901 والتي لاتزال عاملة الى حد الان.
شركة فورد Ford كانت من الشركات التي تخصصت في صنع سيارات تعمل بالوقود، وقد استطاع فورد بشركته حديثة الوجود ان يغير مجال صناعة السيارات وذلك بابتكاره لطريقة تجميع اجزاء السيارة خلال خط انتاج متحرك بدلا من الطريقة التقليدية التي تقضي بتجميع السيارة يدويا، وقد ساهم خط الانتاج المتحرك بتقليل تكلفة التصنيع الى الحد الذي جعل شراء السيارة في متناول الجميع.
تلك كانت الخطوة منعطفا في مجال صناعة السيارات حيث هيمنت السيارات التي تعمل بالوقود على السوق وسحبت البساط من تحت اقدام أنواع السيارات الأخرى، في عام 1914 كانت نسبة السيارات التي تعمل بالوقود تشكل 99% من مجموع السيارات الامريكية الجديدة.
بسبب الجدوى التجارية للسيارات التي تعمل بالوقود تشجعت الشركات على الاستثمار بها ونبذ السيارات الاخرى بما في ذلك السيارة الكهربائية، توالت بعد ذلك الابتكارات لحل مشاكل السيارات التي تعمل بالوقود، مثلا تم ابتكار مفتاح التشغيل الكهربائي لتسريع عملية تشغيل السيارة ولا زال يستخدم الى الان.
وأنا عندما اتكلم عن تاريخ السيارات فقصدي هو شرح الطريقة التي تسير بها التكنولوجيا، فالتكنولوجيا لا تسير نحو التطور بشكل تلقائي بل لا بد أن تكون هناك جهود لدفعها في الاتجاه الصحيح.
لا شك ان تاريخ صناعة السيارات كان يمكن ان يسير باتجاه مختلف عما سار عليه فعلا، فكان من الجائز أن تخترع شركة اخرى نظاما لتقليل تكلفة صناعة السيارة الكهربائية وتصبح في تلك الحالة السيارة الكهربائية هي المهيمنة.
لكن ما حصل في الواقع ان السيارة الكهربائية اختفت عن الوجود تقريبا لأن صانعيها لم يتمكنو من منافسة السيارات العاملة بالوقود.
الظهور الثاني للسيارة الكهربائية
بما أن التكنولوجيا لا تسير بالضرورة نحو الافضل، احيانا تضطر الحكومات للتدخل في محاولة منها لدفع عجلة التطور للأمام.
الرئيسان الامريكيان رونالد ريغان وبيل كلينتون حاولا اصدار قوانين تعفي مالكي السيارات الكهربائية من الضرائب وقد نجحا الى حد ما في هذا إلا أن الرئيسان التاليان لهما (رونالد ريغان وجورج بوش) ابطلا تلك القوانين.
والهدف من قوانين كهذه تشجع انتاج السيارات الكهربائية لأهداف بيئية ومشكلة تلوث الهواء ترتبط جذريا بالسيارة الكهربائية وهو ما سيأتي الحديث عنه.
محاولة اخرى لتشجيع السيارات الكهربائية لأسباب بيئية ايضا كانت في ولاية كاليفورنيا الامريكية حيث قامت حكومة الولاية بإجبار صناع السيارات على تخصيص جزء من سياراتهم لتكون سيارات كهربائية، التزمت شركات السيارات على مضض فكانت نسبة السيارات الكهربائية 5% من مجموع السيارات التي تصنع في كاليفورنيا، قررت حكومة الولاية لاحقا زيادة النسبة الى 10%.
جينيرال موتورز والسيارة EV1 الكهربائية
كاستجابة لقانون ولاية كاليفورنيا الجديد في التسعينات من القرن الماضي صنعت شركة جينيرال موتورز General Motors سيارة كهربائية رائعة احبها الزبائن وكانت تسمى EV1.
والحقيقة ان جينيرال موتورز كرهت ما صنعته وفعلت ما يمكن فعله حتى لا يشتريها احد فبالتالي تجد الشركة عذرا لتتخلص من التزامها في تطبيق قرار الحكومة.
أما السبب في أن جينيرالز موتور لم تعجبها فكرة السيارة الكهربائية لأنها لو نجحت وصارت واسعة الانتشار فهذا يلزم الشركة ان تغير طريقتها في صناعة السيارات، وبالتالي تغيير الاتهم ومصانعهم والتكنولوجيا المستخدمة.
لكن الاحداث جرت على عكس رغبة جينيرال موتورز فقد احب الناس كما قلنا السيارة الكهربائية وأرادوا شراء المزيد مما أشعر الشركة بخطورة سيارتهم الجديدة على المستقبل، فكان ان بدأوا بالضغط على حكومة كاليفورنيا بمساعدة شركات السيارات الاخرى، وناصرتهم شركات البترول لأسباب واضحة حيث ان انتشار السيارات الكهربائية يعني استهلاكا أقل للنفط، وهذا يعني خسائر مالية.
التحالف مابين شركات البترول وشركات السيارات لاقى دعما من الحكومة الفيدرالية (حكومة جورج بوش حيث كان رئيسا انذاك)، وقد نجحت تلك الضغوطات في اجبار حكومة كاليفورنيا في عام 2003 على الغاء ذلك القانون الذي يلزم صانعي السيارت على صناعة سيارات كهربائية كجزء من صناعتهم.
سحبت جينيرال موتور سيارتها الكهربائية EV1 من الزبائن وتخلصوا منها ومثل ذلك فعلت الشركات الاخرى، وحكم على السيارة الكهربائية بالموت مرة ثانية.
من ناحية الأداء بوسع EV1 التسارع الى 80 كيلومتر في الساعة في اقل من سبع ثواني واقصى سرعة تصلها كانت 130 كيلومتر في الساعة، مدى البطارية يختلف بحسب الموديل لكنه لم يتجاوز 100 كيلومتر.
اضغط على الارقام لمتابعة القراءة
التأثيرات البيئية للسيارة الكهربائية
يأخذ الحديث عن البيئة وبالتحديد مشكلة الاحتباس الحراري الحيز الاكبر عند الحديث عن السيارة الكهربائية، فبالتالي اليك بعض الحقائق الاولية عن الاحتباس الحراري وتلوث الجو عموما.
حرق الوقود الاحفوري يزيد من نسبة ثاني اكسيد الكربونCO2 في الغلاف الجوي الارضي، وهذا الغاز يتسبب بحبس حرارة الشمس داخل جو الارض مما يزيد من درجة حرارة الارض بالمجمل، وهذا الظاهرة هي ما يعرف بالاحتباس الحراري الذي يشكل خطرا ليس فقط على البشر بل وعلى مجمل أشكال الحياة على الارض.
والوقود الاحفوري يشمل النفط، الفحم والغاز الطبيعي، وتتفاوت هذه المواد من ناحية سوء تأثيرها على البيئة وإن كانت كلها سيئة التأثير.
ازدياد درجة الحرارة هكذا يتسبب بهلاك المحاصيل الزراعية التي يتغذى عليها الانسان والحيوان وسيتسبب أيضا بذوبان الثلج في القطبين الشمالي والجنوبي وبالتالي غرق المدن الساحلية وليس هذا فحسب بل اذا وصلت الحرارة الى سبعين درجة مئوية فهذا كفيل بتبخير المحيطات كلها.
يمكننا أن نرى مدى كارثية الاحتباس الحراري فهو بمثابة نيزك كبير يوشك على الاصطدام بالارض وتدمير الحياة فيها، ومما يزيد مشكلة الاحتباس الحراري صعوبة هو صعوبة التوعية نحوه ونحو مخاطره فلا يمكنك تصوير عملية الاحتباس الحراري وعرض الصور على الملأ، إن الادلة على الاحتباس الحراري هي ازدياد متوسط درجة الحرارة السنوية منذ بدأت الثورة الصناعية.
هذا يعني ان الاحتباس الحراري مبني على احصائيات وأرقام وبيانات يصعب الحديث للجمهور عنها.
من بين علماء المناخ 97% منهم يتفقون على ان الاحتباس الحراري ظاهرة خطيرة وأنها تحدث بسبب بشري لكنهم يختلفون فيما بينهم في تقرير شدة خطورتها، منهم من يرى أننا على شفير الكارثة وهناك من يرى الكارثة ليست وشيكة (لكن الكارثة حتمية في كل الاحوال).
لكن ماذا عن الـ 3% المتبقية من علماء المناخ؟ ألم ينظروا في أدلة الاحتباس الحراري؟ فلماذا عندهم رأي مختلف؟
علينا أولا أن ندرك أن اجماع المختصين على أي قضية لايكون كاملا 100% فالعلماء كغيرهم من البشر لديهم الانحيازات الموجودة عند أي شخص والتي بدورها تؤثر على قراراتهم، بالاضافة الى مؤثرات أخرى سنتكلم عنها بعد قليل.
تحدثنا عن كون السيارات الكهربائية كابوس بالنسبة لصناع السيارات العاملة بالوقود من ناحية ان السيارات الكهربائية تعد منافسا لسياراتهم، فماذا عن الشركات المنتجة للبترول؟ لاشك أن السيارة الكهربائية باستغنائها عن الوقود الاحفوري ستسبب خسائر مادية لصناعة النفط.
اتبعت شركات البترول عددا من الحيل للتقليل من خطورة مشكلة الاحتباس الحراري في عيون الحكوات والافراد، منها الزعم بأن الاحتباس الحراري يحدث لأسباب طبيعية لا بسبب النشاط البشري، وعلى هذا فلا مشكلة بحرق الوقود الاحفوري ليلا نهارا، والحيلة الاخطر هي انكار وجود الاحتباس الحراري من أساسه ووصل الحال بهم الى رشوة بعض العلماء وهذه من اسباب انحياز بعض علماء المناخ كما قلنا.
اذا عرفنا أن 45% من البترول المستخرج في العالم يستخدم في وسائل النقل وترتفع النسبة في الدول الصناعية، في الولايات المتحدة الامريكية 71% من النفط يستخدم للمواصلات ومعظمه يذهب للسيارات.
لا شك إذا أن هيمنة السيارات الكهربائية ستسبب خسائر فادحة لصناعة استخراج البترول ولهذا تقاتل شركات البترول لتأخير المستقبل والمستقبل هو السيارة الكهربائية.
وعندما أقول تاخير فهذا تلميح على ان السيارة الكهربائية لا مفر منها وهذا بالفعل ما يبدوا عليه الامر صحيح أن توقع المستقبل صعب جدا لكن من الواضح ان الجهود التي تبذل في سبيل السيارة الكهربائية ستجعل من هيمنها على سوق السيارات أمرا حتميا لكن يبقى السؤال متى سيكون ذلك، بالنسبة الى شركات البترول التي تجني المليارات كل عام فإن مجرد التأخير هو في صالحها فتأخير السيارة الكهربائية عاما واحدا يعني ببساطة مليارات الدولارات.
بناء على ما ذكرناه من خطورة حرق الوقود على مناخ الارض وكمية الوقود التي تحرق داخل السيارات يمكنك ان ترى بسهولة تأثير السيارة الكهربائية الايجابي على البيئة.
محدودية الوقود
القضية الثانية التي تخص المنافسة بين السيارات الكهربائية ونظيراتها العاملة بالوقود هي محدودية الوقود الاحفوري بأشكاله المختلفة، منذ مدة ونحن نسمع ان كميات الوقود التي في الارض ستنفد عما قريب لكن مع تطور تقنيات الحفر تمكنا من الوصول الى مخزون اضافي من الوقود الاحفوري الا أن هذا لا يعني أن كميات الوقود صارت لانهائية ويمكننا استهلاكها كما نشاء، لا طبعا، فمهما كانت كمية الوقود الموجودة في الارض وحتى لو استطعنا الوصول الى كل قطرة نفط فسيأتي يوم ينتهي فيه، وليس علينا الانتظار ليجف النفط في الابار لنرى الكارثة بل مجرد شح النفط ونقصه يعني ان اسعاره سترتفع بشكل كبير لا يستطاع معها الاعتماد على النفط في توليد الطاقة ولا في وسائل النقل.
أيضا فإن ارتفاع اسعار النفط قد ترتفع بسبب صعوبات الحفر حتى لو كانت كمية النفط في الارض وافرة، في حال ارتفاع اسعار النفط بشكل كبير فسيتعرض الاقتصاد العالمي لخسائر فادحة قد تصل حد الانهيار فواجب علينا اذا اردنا حماية الحضارة ابتكار وسائل وتقنيات تمكننا من الاستغناء عن النفط وعلينا ايضا الوصول الى ذلك الحل قبل مشارفة النفط على النفاد.
هناك نقطة يجب الانتباه لها وهي ان الكهرباء غالبا في كل الدول تولد عن طريق الوقود الاحفوري ويستخدم الغاز والفحم غالبا فهل هذا يعني ان السيارة الكهربائية (والتي تعتمد على النفط والغاز بطريقة غير مباشرة) أنها تلوث البيئة بمقدار السيارة العاملة بالوقود؟
والجواب هو كلا، أولا علينا ان نعرف ان ليس كل انواع الوقود الاحفوري لها نفس القدرة على تلويث الهواء، الغاز الطبيعي أقل تلويثا للهواء من النفط والنفط اقل تلويثا من الفحم، ثانيا حرق الفحم في منشأة كبيرة أقل تلويثا للهواء من حرق النفط في محرك سيارة، إن كفاءة حرق الوقود في منشآت توليد الكهرباء تبلغ 60% بمعنى ان 40% من كمية الوقود المحترقة تضيع على شكل حرارة، أما في السيارة فلا تتجاوز نسبة الكفاءة في حرق الوقود 25%، والسبب أن منشآت توليد الكهرباء بما تملكه من معدات وتقنيات يمكنها حرق الوقود بكفاءة اكبر.
أخيرا فإن الوقود الاحفوري ليس مصدر الطاقة الوحيد لتوليد الكهرباء، في الولايات المتحدة كانت نسبة استخدام مصادر الطاقة المتجددة 3% في عام 2007 وارتفعت الى 6% في عام 2013، في المقابل انخفضت نسبة استخدام الفحم كمصدر للطاقة من 48% الى 39% خلال المدة نفسها، إذا استمر التوجه نحو الطاقة البديلة فسيأتي يوم يستغنى فيه عن الوقود الاحفوري في توليد الكهرباء، وتصبح السيارة الكهربائية صديقا حقيقيا للبيئة.
الظهور الحالي للسيارة الكهربائية
لقد قلنا بأن عجلة التطور التكنولوجي لا تتحرك من تلقاء نفسها بل بجهود المخترعين والدعم المقدم لهم سواء من القطاع الحكومي أو اذا عملوا لدى شركات خاصة، احيانا يكون المخترع هو نفسه مالك الشركة والمسؤول عنها.
واذا ذكر الاختراع ذكر معه ايلون موسك Elon Musk الملياردير والمخترع ورائد الاعمال الامريكي، وهو مؤسس شركة سبيس اكس التي لاشعل لها الا صناعة صواريخ تحمل الاقمار الصناعية الى الفضاء، وأسس أيضا شركة باي بال وهو موقع على الانترنت يقدم خدمة البنك الالكتروني وهناك شركات اخرى غيرها لكن ما يهمنا الان هو تأسيسه لشركة تسلا موتورز عام 2003.
تسلا موتورز Tesla Motors شركة متخصصة في صناعة السيارات الكهربائية ولا تصنع أي نوع اخر من السيارات على عكس الشركات الاخرى التي تقدم السيارات الكهربائية.
ايلون موسك كان يرى ان السيارات الكهربائية ليست فقط صديقة للبيئة ولكنها افضل من حيث الاداء من السيارات العاملة بالوقود.
يمكننا أن نعتبر ايلون موسك بمثابة هنري فورد الجديد فكما وجد فورد الحلول لمشاكل السيارة العاملة بالوقود وجعل اسعارها ارخص وفي متناول الجميع فكذلك يحاول ايلون ماسك جعل السيارة الكهربائية هي المهيمنة للتخلص من الحاجة للسيارات العاملة بالوقود.
تتمثل المشكلات التي تواجه السيارات الكهربائية في ثلاثة أمور:
1. الاسعار المرتفعة، والسبب هو سعر البطارية المرتفع بالاضافة الى ضرورة استبدال البطارية كل بضع سنوات وشراء بطارية جديدة.
2. محدودية سعة البطارية، وسعة البطارية هي التي تقرر المسافة التي تسيرها السيارة قبل الاضطرار لاعادة الشحن، سيارة EV1 كان متوسط مداها 160 كيلومترا، هذه المسافة كما يبدو لاتكفي الا لجولات قريبة ربما للذهاب للعمل والعودة وهو ما يحتاجه معظم الناس فالرحلات بين المدن قليلة في الغالب، لكن لا زال يقع على مصنعي السيارات الكهربائية عبئ جعلها متفوقة على نظيراتها العاملة بالوقود.
3. طول وقت الشحن، أكثر السيارات الكهربائية تستغرق من 6 الى 8 ساعات لشحنها بشكل كامل، ليست عملية اذا كنت مستعجلا.
4. مكان الشحن، تحدثنا عن قصر المسافو التي تمشيها السيارة الكهربائية بالمقارنة مع منافستها العاملة بالوقود، قد يكون الحل هو تزويد محطات تعبئة الوقود بمعدات مخصصة لشحن السيارة الكهربائية لكن تذكر طول مدة الشحن فلا يعقل ان تنتظر خمس ساعات في محطة الوقود.
5. الأداء، بالعودة الى سيارة EV1 التي تحدثنا عنها نجد أن اقصى سرعة لها هي 130 كيلومترا في الساعة، ومجددا كما في حالة مدى السير ففي معظم الحالات لا يحتاج احد الى سرعات أكبر.
إن أي سيارة كهربائية تريد أن تهيمن على السوق وتكون هي المستقبل فعليها التغلب على المشكلات تلك، تماما كما تغلبت السيارات العاملة بالوقود على نفس هذه المشكلات قبل 100 عام، وهذا ما تعمل عليه تسلا موتورز وسنستعمل سياراتهم في هذا المقال كمثال على السيارات الكهربائية الحديثة أو بالأحرى السيارات المستقبلية.
عندما تأسست تسلا موتورز كشركة مختصة بالسيرات الكهربائية في 2003 كان هدفها التغلب على تلك العقبات وصناعة سيارات لا توازي السيارات العاملة بالوقود بل تتفوق عليها وذلك لأجل اقناع الناس بشراءها، إذ لايمكن ان تكون فكرة الحفاظ على البيئة هي وحدها التي ستجعل السيارة الكهربائية تملأ الشوارع، ولا ننسى ايضا ان تسلا موتورز قررت خوض المعركة لوحدها فلم تقدم الحكومة لهم المساعدة كما حصل في السابق.
في هذه الحالة على تسلا موتورز أن تنافس وتتفوق بمنتجها الجديد ضد منتجات موجودة أصلا ومنتشرة بشكل واسع.
مشكلة البطارية
كانت هناك شركة حلت مشكلة عدم كفاية البطارية للتخزين وهي شركة AC Propulsion عبر تغييرها لنوع البطاريات المستخدمة.
في الاصل كانت السيارات الكهربائية تستخدم بطارية حمض الرصاص التقليدية لتخزين الطاقة، فكان الحل هو بطاريات الليثيوم، وبطاريات الليثيوم تستخدم في الحواسيب المحمولة.
ما فعلته AC Propulsion هو استخدام عدد كبير من بطاريات الليثيوم وربطها معا بحيث تكون كبطارية واحدة وبهذه الطريقة تمكنت من زيادة مدى السيارة لغاية 400 كيلومتر عند شحن البطارية بالكامل، الان صار هناك أمل للسيارات الكهربائية للمنافسة ولكن لايزال الطريق طويلا.
لم تشأ AC Propulsion تسويق فكرتهم والدخول في التنافس لكنهم عرضوا الفكرة على ايلون ماسك الذي اعجب بها وانشأ تسلا موتورز بناء على تلك الفكرة.
مشكلة السعر
لاشك أن الحواسيب الاولى التي ظهرت في الاسواق كانت مرتفعة السعر جدا، لكنها كانت انذاك الوحيدة الموجودة من غير منافس، اما في حالة السيارة الكهربائية فاسعارها مرتفعة جدا باعتبارها الاولى من نوعها لكن مع وجود منافسين.
السيارات الكهربائية الاولى التي ستأتي بها تسلا موتورز لن يقل سعرها عن 100 الف دولار بينما كفاءتها ستكون بمثل كفائة سيارة عاملة بالوقود ذات سعر لايزيد عن 25 الف دولار، ولن يفكر معظم الناس بشراء سيارة بسعر اربع سيارات فقط لانها كهربائية.
جاء مجلس الادارة في تسلا موتورز بخطة لتسويق سياراتهم الاولى مرتفه الثمن كالتالي:
الخطوة 1: صناعة سيارات فاخرة غالية الثمن (على غرار سيارات فيراري)، لا شك أن السيارات الفارهة لها زبائنها من الطبقة الغنية التي يكون افرادها على استعداد لدفع 100 الف من أجل سيارة تليق بمقامه.
الخطوة 2: استخدام الاموال التي جائت من تطبيق الخطوة الاولى لابتكار سيارات ارخص ثمنا واكثر عددا ولكنها لاتزال سيارات فاخرة جدا لتباع بكميات كبيرة، سيارات الخطوة الثانية ستكون بسعر يقارب 75 الف دولار تكافئ في سعرها سيارات المرسيدس والـ BMW.
الخطوة 3: استخدام الاموال من الخطوة الثانية لصناعة سيارات رخيصة نسبيا، لا يزيد سعرها عن 35 الف دولار تكون في متناول اكثر الناس.
عملا بخطتهم اعلنت تسلا موتورز عن سيارتهم من الجيل الاول Roadster في عام 2006 ثم شحنت للاسواق في 2008 وكان سعرها 110 الف دولار، ربما لم نسمع وقتها بهذه السيارة ولا عجب فلا توجد سيارة بهذا السعر يكتب لها الانتشار.
لكن الهدف من تلك السيارة لم يكن تحقيق اكبر عدد من المبيعات بل تعريف العالم أن السيارة الكهربائية يمكنها ان تكون سريعة وقوية وبتصميم جذاب تنافس بكل ذلك السيارات العاملة بالوقود إذا ما أوتيت لها فرصة التطوير، وهذا الهدف قد تحقق بالفعل فصارت الشركات والافراد يأخذون تسلا موتورز وسيارتهم الجديدة على محمل الجد.
رئيس شركة جينيرال موتورز في ذلك الوقت Bob Lutz علق على سيارة Roadster قائلا: "إذا كانت شركة صغيرة في كاليفورنيا فعلتها (يقصد السيارة الكهربائية) فلماذا لا نفعلها نحن؟"، حتى أن شركة جينيرال موتورز عادت الى صناعة السيارات الكهربائية عبر صناعتها لسيارة Chevy Volt .
وهكذا بدأ يتحقق هدف ايلون موسك وهو نشر السيارة الكهربائية فتسلا موتورز لم تصنع السيارة الكهربائية وحسب بل وألهمت الاخرين لصنعها.
بعد نجاح الخطوة الاولى بدأت تسلا موتورز الخطوة الثانية بصناعة سيارة Tesla Model S وهي كما قلنا سيارة من الجيل الثاني بحسب الخطة فهي موجهة للاغنياء لكن ليس الاغنياء جدا.
تمتاز سيارة Tesla Model S بحسن الاداء فيمكنها التسارع من 0 الى 100 كيلومتر في الساعة في 3 ثوان وتعتبر هذه مقدرة هائلة حتى من وجهة نظر السيارات العاملة بالوقود، بالاضافة الى أن مداها يتجاوز 400 كيلومتر.
سيارة Model S لها ميزة أخرى خاصة بالسيارة الكهربائية وهي المساحة الكبيرة التي توفرها، وذلك بسبب قطع السيارة الصغيرة نسبيا كما سيأتي تفصيله، صغر حجم القطع سيترك مجالا لاستغلال المساحة المتبقية في الركوب وتخزين الاغراض.
يمكن لسيارة Model S ان تتسع لسبعة اشخاص خمسة بالغين وطفلين اذا ما وضع مقعدين اضافيين في الخلف.
بالاضافة الى ان مقدمة السيارة تحول ايضا الى مساحة اضافية للتخزين.
بالرغم من التقدم الذي حققته تسلا في سياراتهم من حيث المدى الا أن المشكلة لا تزال قائمة عند السفر بين المدن التي تبعد عن بعضها مسافات كبيرة صحيح أن بالإمكان جعل محطات الوقود التقليدية تزويد السيارات الكهربائية بالطاقة الكهربائية، لكن المشكلة تكمن في ان سيارة Model S مثلا تستغرق 5 ساعات لتشحن بشكل كامل ومن سيرغب في التوقف لمدة خمس ساعات في رحلته بين مدينتين؟
إلا أن هذا لم يمنع تسلا من الاستمرار في ابتكار الحلول العملية، فكان الحل هو الشاحن الفائق (Supercharger).
الشاحن الفائق أداة خاصة لشحن سيارات تسلا بالكهرباء بكفاءة عالية، يمكن شحن البطارية لمدة 10 دقائق لتسير لمسافة 100 كيلومتر، التوقف في هذه الحالة لن يختلف كثيرا عن التوقف التقليدي لتعبئة الوقود.
يكلف الشاحن الفائق الاف الدولارات ولكن ليس على الزبائن ان يقلقوا بشأنه، ذلك لأن تسلا ستركبه في محطات الوقود التقليدية وفي محطات خاصة بالسيارات الكهربائية، ويذكر أن تسلا هي الشركة الوحيدة التي لديها هذا النوع من الشواحن.
الخطوة الثالثة بالنسبة لتسلا، كما قلنا، هي صناعة سيارات بسعر مناسب لتكون متوفرة بمتناول الجميع، والعقبة الكبيرة في سبيل هذا هو سعر البطارية الذي يقارب 20 الف دولار فيصعب بناءا على هذا صناعة سيارة بتكلفة لا تزيد عن 35 الف دولار.
ولا ننسى ايضا نقص عدد البطاريات التي يتم انتاجها، فلو أرادت تسلا موتورز انتاج 100 الف سيارة سنويا كما تخطط فلن تكفي جميع بطاريات الليثيوم المنتجة على مستوى العالم.
لحل مشكلة ارتفاع سعر البطارية ونقصها، قرر ايلون موسك بناء مصنع عملاق خاص ببطاريات الليثيوم ينتج لوحده ما يعادل انتاج العالم كله من البطاريات، هذا من شأنه تخفيض سعر البطارية بمقدار 30% على الاقل، فبازدياد العرض يقل السعر، بالاضافة الى أن مصنعا متخصصا كهذا سيحاول تطوير البطاريات ومن المتوقع ان يرتفع مدى البطارية الى 800 كيلومتر.
كيف تعمل السيارة الكهربائية
كبداية سنركز على المحرك، الجزء الاهم، وسنأخذ محرك سيارة Tesla Model S كمثال.
مما لا شك فيه ان محرك السيارة الكهربائية يختلف عن السيارة العاملة بالوقود فهو ابسط في تركيبته واصغر حجما فلا يتجاوز حجمه حجم حبة البطيخ.
محرك سيارة Model S هو محرك حث بتيار متناوب AC Induction motor وهذا النوع من المحركات يتكون من جزئين رئيسيين، كما في الصورة التوضيحية.
لاحظ تكونه من جزئين رئيسيين: الجزء الخارجي Stator، والجزء الداخلي Rotor وهو قابل للدوران ويتصل بالاطارت مباشرة، وهذان الجزءان لا يلامسان بعضهما.
عند الدوس على دواسة السرعة يمر التيار الكهربائي القادم من البطارية في الجزء الخارجي مما يؤدي لتوليد مجال مغناطيسي بحسب قانون الحث الفيزيائي، وهذا المجال المغناطيسي يدور الجزء الداخلي من المحرك، وبما أن الجزء الداخلي مرتبط بالاطارات الخلفية فإن دورانه يعني دوران الاطارات وبالتالي سير السيارة الى الامام.
محرك الحث الذي تراه في الصورة ابسط من محرك الاحتراق الداخلي (المحرك العامل بالوقود) والذي يتكون في المتوسط من 200 قطعة، محرك السيارة الكهربائية يتكون من عشر قطع فقط وهذه البساطة تعني سهولة أعمال الصيانة بالاضافة الى استهلاك أقل للطاقة، صحيح اننا تحدثنا عن توليد الكهرباء المستخدمة في السيارة الكهربائية عن طريق محطات تستخدم الوقود، الا أن مجموعة الطاقة المستخدمة في المحرك الكهربائي أقل من مجموع الطاقة المستخدمة في محرك الاحتراق الداخلي.
من اجل الرجوع للوراء كل ما تحتاجه هو تبديل ناقل الحركة الذي Gear يظهر في الصورة حيث يشير السهم
يجب تبديله الى الحرف R وذلك لتنعكس الاقطاب المغناطيسية في المحرك ويدور في الاتجاه المعاكس.
لاحظ من الصورة وجود 3 غيارات فقط:
N: للتوقف.
D: للسير للامام.
R: للرجوع للخلف.
ولا حاجة للمحرك بالغيارات الاخرى 1 ، 2 ...
فبمجرد الاستمرار بالدوس على دواسة السرعة يمكن للسيارة ان تصل الى اقصى سرعة بوسعها الوصول اليها.
البطارية
كما قلنا فإن سيارة Model S تستخدم بطاريات الليثيوم المستخدمة في الحواسيب المحمولة.
هذه صورة توضيحية لما يجري داخل بطاريات الليثيوم عند شحن البطارية تنتقل ايونات عنصر الليثيوم (وهو عنصر نشط في التفاعلات) من القطب الموجب الى القطب السالب وتلتحم مع ذرات الكربون، بينما عند الاستخدام تعود الايونات الى مكانها في القطب الموجب مطلقة الطاقة التي اختزنتها اثناء الشحن.
طبعا سيارة Model S الاف البطاريات من هذه النوعية تعمل معا كوحدة واحدة.
سنكتفي بهذا القدر حول طريقة عمل السيارة الكهربائية فقد غطينا أهم ما يميزها عن السيارات العاملة بالوقود (المحرك والبطارية)، وتاريخها وتأثيراتها البيئية، وفي الختام اذا اعجبك المقال فشاركه مع من تعرف، واذا كان لديك اي استفسار فلا تتردد بترك تعليق في التعليقات.
مراجع وروابط خارجية:
http://waitbutwhy.com/2015/06/how-tesla-will-change-your-life.html
http://auto.howstuffworks.com/electric-car.htm
https://www.youtube.com/watch?v=ru89x1jmpq4
https://www.youtube.com/watch?v=LXx8khPVBbY
https://www.youtube.com/watch?v=pSa5MgMGoJA
0 التعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.