طاردت الرغبة في المغامرة والاكتشاف البشر
منذ نشأتهم وبينما استكشف اجدادنا القارات الجديدة عبر البحار نتطلع نحن لاكتشاف
الكواكب التي تدور حول نجوم أخرى غير شمسنا هذه ويسمي العلماء هذا النوع من
الرحلات بالسفر عبر النجوم Interstellar
Travel أما السفر
بين كواكب مجموتنا الشمسية فاسمه العلمي Interplanetary spaceflight
وقد حقـقـنا فعلا السفر الكوكبي فماذا عن
السفر النجمي؟
سنعرض في هذا المقال عدة طرق للسفر النجمي
والطرق التي سنذكرها الان بناء على علوم حقيقية فعلا وليست مجرد خيال علمي، أيضا
علينا اختيار التقنيات الفعالة بحيث نصل الى وجهتنا خلال فترة حياة انسان على
الاكثر لا أن تستغرق الرحلة الاف السنين، لن نبحث في استخدام الصواريخ التقليدية
حيث انها بطيئة جدا اذا ما قيست للمسافات الشاسعة بين النجوم ، مشكلة السفر النجمي
أن علينا استخدام طاقة كبيرة لدفع المركبة بسرعة معتبرة قياسا لسرعة الضوء بحيث
يكون لسرعتنا أهمية بالنسبة للمسافات بين النجوم
مشروع اوريون
هنا تلتقي الفيزياء النووية بعلم الصواريخ،
وقد بدأ هذا المشروع في عام 1958 ، حتى نصل الى سرعة عالية يمكننا استخدام قنابل
نووية هيدروجينية بحيث تـتسبب قوة الإنفجار بدفع المركبة بسرعة لاتستطيعها
المحركات الصاروخية التقليدية التي تستخدم اليوم، نظريا إذا امكننا تفجير 300 الف
قنبلة لمدة شهر كامل بينما المركبة في الفضاء الخارجي، هذا يكفي لتصل المركبة
لسرعة تساوي 10% من سرعة الضوء – حوالي 30 ألف كيلو متر في الثانية – وبهذه السرعة
يمكننا الوصول الى أقرب نجم لنا (Alpha Centauri) بعد 90
عاما(1)، وعلينا هنا أن لانهمل بعض التفاصيل فعمليات التفجير ستبدأ بعد
مغادرتنا للغلاف الجوي باستخدام الصواريخ التقليدية، ايضا نصف القنابل التي
سنفجرها ستستخدم لإبطاء سرعة المركبة عندما تقترب من لحظة الوصول ، وبالرغم من أن
القنبلة الهيدوجينية موجودة فعلا لكن لايخلو الامر من الصعوبات التي تتمثل في
تفجير القنابل الهيدروجينية داخل جسم المركبة بدون تدميرها.
محركات المادة المضادة
المادة المضادة أو نظير المادة Anti-Matter
اذا التقت وتصادمت مع المادة فإنهما تفنيان وتتحولان الى طاقة ويمكن بناءا على هذا
انتاج كمية كبيرة من الطاقة باستخدام كمية قليلة من المادة والمادة المضادة وقد
تمكن العلماء بالفعل من انتاج المادة المضادة داخل مصادم الهادرونات ولكن عملية
الانتاج هذه مكلفة للغاية فلم يتمكن العلماء لحد الان الا انتاج مكونات صغيرة جدا
من المادة المضادة مثل نظير البروتون ونظير البروتون صغير جدا اصغر من الذرة، لكن
لو استطعنا انتاج كميات كبيرة من المادة المضادة، مثلا بضعة كيلو غرامات – وهذه
كمية كبيرة مقارنة بما يمكن انتاجه الان – فإن الكيلو غرامات القليلة من المادة
المضادة التي سنستخدمها كوقود كافية لتسريع مركبتتنا لما يعادل نصف سرعة الضوء
ويضمن هذا الوصول الى أقرب نجم لنا في أقل من 9 سنوات
الأشرعة الشمسية
الفكرة هنا هي صنع مسبار فضائي غير مأهول له
ما يشبه أشرعة السفينة ولكن هذه الاشرعة لاتتحرك بواسطة الرياح بل بالضوء ، حيث يستخدم
ليزر فائق القوة يضرب الاشرعة فـتدفع المسبار بعيدا في الفضاء ، ولأن المسبار
لايحمل وقودا بداخله فان حجمه لن يكون كبيرا وهذا يسهل على الليزر دفع المسبار
بسرعة تصل الى 10% من سرعة الضوء، ويمكننا استخدام مفاعل نووي لتوليد الليزر ذو
الطاقة المناسبة، هذا كله ممكن بتقنياتنا الحالية ، يمكن ايضا
استخدام اشعة الشمس مباشرة بدون ليزر ، بحيث تضرب الفوتونات القادمة من الشمس
أشرعة السفينة وتحركها كما تحرك الرياح اشرعة السفينة الحقيقية ومن هنا جائت تسمية
الاشرعة الشمسية
أما
اذا قررنا وضع بشر في سفينتنا الشراعية فسنحتاج بلا شك لمركبة أكبر وبالتالي طاقة
الليزر يجب أن تكون اعلى بكثير، ولايشترط اطلاق الليزر من محطة على الأرض يمكن أن
يتم اطلاقه من محطة فضائية اخرى.
محرك الثقب أسود
وهذه من أكثر الافكار جموحا، فعلينا انتاج
كمية كبيرة من الطاقة بحيث تكون كافية لصنع ثقب أسود، والثقب الأسود بدوره يصدر
اشعاعا ذو طاقة هائلة (إشعاع هوكينغ) تحرك المركبة في الفضاء بسرعة تبلغ 10%
من سرعة الضوء ، وبالنسبة الى حجم الثقب الأسود الذي نريد صناعته فيجب أن لا يكون
كبيرا جدا بحيث لايصدر إلا اشعاعا خفيفا لا يكفي لتسريع المركبة كما نرغب، ويجب
أيضا أن لا يكون صغيرا جدا بحيث يتبخر بوقت قصير فلا نتمكن من بلوغ وجهتـنا، ويقدر
العلماء حجم الثقب الاسود المثالي لتجربتنا هذه بحجم البروتون فقط أما كتلته
فتساوي 600 مليون طن، والاشعاع الذي يبعثه ثقب أسود بهذا الحجم يحتوي على طاقة
أكبر بعشر الاف مرة من الطاقة التي يستهلكها العالم كله خلال مدة ثلاث سنوات ونصف،
وهذه الطريقة – شأنها شأن الطرق الاخريات – لاتخلو من صعوبات تقنية فخلق ثقب اسود
يحتاج الى اشعة ليزر أقوى من الثقب الاسود نفسه، لعل محرك الثقب الاسود يخص تكنولوجيا
المستقبل البعيد
ما هي أحسن طريقة؟
تتفاوت هذه الطرق في صعوبة تنفيذها ولعل
أقربها الينا هي الاشرعة الشمسية والقنابل الهيدروجينية، لكن جميع هذه الطرق في
حال تم تطبيقها ستمكنـنا فقط من السفر الى النجوم القريبة في حدود عشرين أو ثلاثين
سنه ضوئية، أما في حال قررنا السفر الى النجوم البعيدة فربما سنحتاج الى علوم لا
نستطيع الان تخيلها، وهذا كله داخل مجرتنا فما بالك بالسفر لمجرات أخرى؟ لعلنا
بحاجة حينها الى علوم تتجاوز اكثر أفلام الخيال العلمي تطرفا
_________________________________________________________________________________
(1)
هذا النجم هو أقرب النجوم الينا ويبعد عنا أربع سنوات
ضوئية بمعني أننا اذا سافرنا باتجاهه بسرعة الضوء فسنحتاج 4 سنوات للوصول.
0 التعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.